
هل تخيلت يومًا أن تستخدم متصفحًا لا يكتفي بعرض صفحات الإنترنت، بل يتصرف كوكيل شخصي يفهمك ويعمل لأجلك؟ هذا ما فعلته أوبرا تمامًا بإطلاقها Opera Neon، أول متصفح “وكيلي” مدعوم بالكامل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ليضع المستخدم في قلب تجربة تفاعلية ذكية لم نشهدها من قبل.
ما هو متصفح Opera Neon؟
Opera Neon هو متصفح ويب جديد كليًا من تطوير شركة Opera الشهيرة، لكنه ليس مجرد إصدار آخر لمتصفح تقليدي. على العكس، يمثل Neon نوعًا جديدًا من المتصفحات التي تُعرف باسم “agentic browsers”، أي المتصفحات التي تعمل كـ”وكلاء ذكيين” للمستخدم، تنفذ الأوامر، وتساعد في اتخاذ القرارات، بل وتبادر بتنفيذ المهام دون توجيه مباشر.
ثلاث ركائز ذكية: Chat، Do، Make
يعتمد Opera Neon على ثلاث وظائف رئيسية، صممت لتجعل تجربة التصفح أكثر تفاعلية وفعالية:
1. Chat – تحدث مع الإنترنت
Neon يحتوي على واجهة محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تجيب على الأسئلة، تلخص صفحات الإنترنت، تعطيك لمحة عن المقالات، تشرح محتوى الصفحة، أو تساعدك في البحث المتقدم بطريقة حوارية بديهية.
2. Do – تنفيذ المهام تلقائيًا
هنا تبدأ قوة Neon الحقيقية في الظهور. هذا المتصفح لا ينتظر منك أن تقوم بكل شيء، بل يقوم تلقائيًا بملء النماذج، حجز تذاكر السفر، مقارنة المنتجات في المتاجر الإلكترونية، وحتى كتابة رسائل البريد الإلكتروني، كل ذلك بناءً على نواياك وتفاعلك داخل الصفحات.
3. Make – اصنع محتوى بسهولة
لم تكتفِ أوبرا بجعل متصفحها “ينفذ”، بل أيضًا “يُبدع”. ميزة “Make” تتيح للمستخدم إنشاء محتوى رقمي بسهولة، سواء كان ذلك موقعًا بسيطًا، لعبة تفاعلية، عرض تقديمي، أو تقريرًا بصريًا، وكل ذلك باستخدام أوامر نصية بسيطة وبلغة طبيعية.
جهاز افتراضي في السحابة: التصفح دون حدود
إحدى الميزات الثورية التي يقدمها Neon هي قدرته على الاستمرار في تنفيذ المهام حتى عندما يكون المستخدم غير متصل بالإنترنت، وذلك من خلال بيئة افتراضية في السحابة. هذه البنية الذكية تمنح المتصفح استقلالية شبه كاملة، وتحرر المستخدم من التفاعل اللحظي المستمر.
هل يتفوق على Google Chrome وEdge؟
رغم أن متصفحات كـ Google Chrome وMicrosoft Edge بدأت بتضمين تقنيات AI مثل ChatGPT وCopilot، إلا أن Neon يأخذ خطوة أبعد. فبدلاً من أن يكون “مدعومًا” بالذكاء الاصطناعي، هو مبني بالكامل حوله. إن الفرق هنا شبيه بالفرق بين سيارة تقليدية و”سيارة ذاتية القيادة بالكامل”.
الخصوصية والأمان: هل يتجسس Neon عليك؟
سؤال منطقي تمامًا في ظل كثرة الحديث عن خصوصية البيانات. أكدت أوبرا أن جميع تفاعلات المستخدم مع الذكاء الاصطناعي تمر عبر بنية آمنة، مشفّرة، ولا تُستخدم لتتبع أو استغلال بيانات المستخدم. بل أن كل مستخدم يمكنه إدارة صلاحيات وعمق الوصول للذكاء الاصطناعي حسب رغبته.
لمن هذا المتصفح؟
- صنّاع المحتوى: سيساعدهم في توليد الأفكار، وتصميم المحتوى بسهولة.
- المستخدم العادي: لن يعود بحاجة لتسجيل الدخول إلى مواقع الحجز أو ملء بياناته كل مرة.
- المهنيون والتقنيون: بإمكانهم استخدام قدرات Neon لإنجاز تقارير، تحليل صفحات، أو البحث المتقدم بشكل أسرع.
متى سيتوفر Opera Neon؟
تم إطلاق نسخة مبكرة من Neon ضمن برنامج تجريبي، مع فتح باب الاشتراك في قائمة الانتظار. ومن المتوقع أن يتوسع نطاق توفره تدريجيًا خلال الأشهر المقبلة، وربما يصبح متاحًا بشكل كامل قبل نهاية العام.
نموذج الاشتراك: هل هو مجاني؟
في الوقت الحالي، لا يزال Neon متاحًا بشكل محدود، لكن المؤشرات تشير إلى أن أوبرا قد تعتمد نموذجًا هجينًا:
- نسخة مجانية بميزات محدودة
- اشتراك شهري أو سنوي لفتح القدرات الكاملة، خصوصًا في الأتمتة وصناعة المحتوى
مستقبل المتصفحات يبدأ من هنا
Opera Neon لا يمثل مجرد تحديث تقني، بل هو قفزة مفاهيمية نحو مستقبل مختلف تمامًا للإنترنت. نحن لا نتحدث فقط عن سرعة تحميل أو أدوات إضافية، بل عن عقل رقمي يرافقك خلال رحلتك في الويب، يفهمك، ويساعدك، بل وربما يتصرف نيابة عنك.
قد تكون هذه بداية حقبة جديدة في تاريخ المتصفحات، حيث تتحول من مجرد أدوات عرض معلومات إلى وكلاء ذكيين يعززون الإنتاجية ويخلقون تجارب مخصصة لا مثيل لها.
خاتمة:
إذا كنت من محبي استكشاف المستقبل وتجربة ما هو غير مألوف، فإن Opera Neon ليس مجرد متصفح، بل هو بوابة لعصر جديد من الذكاء الاصطناعي المرافق لكل نقرة وزيارة في عالم الإنترنت. انضم إلى الانتظار، وكن أول من يخوض هذه التجربة الذكية.